حوار رئيس جمعية الوعي والتنمية الاجتماعية

حوار رئيس جمعية الوعي والتنمية الاجتماعية كريم عبيد لـ “الوسط”:
 “للقضاء على البطالة لابد من فك الارتباط باقتصاد الريع وضرورة العمل على تنويع الاقتصاد الجزائر”


تعتبر جمعية الوعي والتنمية الاجتماعية من الجمعيات التي تنشط في الساحة الجمعوية والسياسية والنقابية والحقوقية، لديها العديد من النشاطات كنقاشات وندوات ودورات تكوينية في التنمية البشرية والإسعافات القاعدية وزيارات ميدانية لدور العجزة ومصالح طب الأطفال في إطار التكافل الاجتماعي والمشاركة في المناسبات الوطنية والرسمية و تكريمات للمتفوقين ، وهي تطمح من وراء كل هذه النشاطات إلى رفع درجة الوعي والمشاركة في التماسك الاجتماعي والوحدة الوطنية والتعاون في بناء البلاد ،  ومن اجل معرفتها عن قرب قامت “الوسط” بمحاورة رئيس الجمعية” كريم عبيد” الذي قدم لنا أهم المشاريع المستقبلية و المحطات الجمعية.

متى تأسست الجمعية، وكيف أتت فكرة التأسيس؟

للتعريف بالجمعية ولو بصورة موجزة، أقول هذه الجمعية التي تشكلت نواة مؤسسيها عام 2012 عقب الانتخابات التشريعية آنذاك.من طرف شباب جزائري نشط في الساحة الجمعوية والسياسية والنقابية والحقوقية ,وذلك بعد استقراء للواقع آنذاك و ما عرفته الانتخابات التشريعية من إقصاءات بالجملة للشباب الطامح آنذاك في تعزيز المشاركة السياسية بمناسبة ذكرى خمسينية الاستقلال الوطني ولكن خاب ظنه بعدها  في مفارقة بين ما سوق من خطاب رسمي وحزبي  وما لمسه من إقصاء في الواقع والممارسة ، لقد بادر مؤسسو الجمعية إلى تأسيسها رسميا في فيفري 2013بالعاصمة بعد عقد عدة لقاءات تبلورت من خلالها الرؤية والخط العام للجمعية وأهدافها المرتكزة على محوري التوعية والتنمية بعيدا عن أية ألوان حزبية أو خلفيات إيديولوجية أو مذهبية متخذة من مبادئ الإسلام والثوابت الوطنية وخدمة الصالح العام مبادئ لها .

تجدر الإشارة إلى مباشرة مؤسسي الجمعية إتصالات بعديد من النخبة والشخصيات الوطنية والعلمية والتي كان على رأسها آنذاك الأستاذ والخبير الاقتصادي بشير مصطفى والذي احتضن فكرة الجمعية قبل توليه حقيبة كتابة الدولة للاستشراف والإحصائيات لاحقا بتاريخ سبتمبر 2013.ثم عرفت الجمعية استقطابا شبابيا ونخبويا حيث نصبت الجمعية مكاتبا ولائية لها في نصف عدد ولايات الوطن كمرحلة أولى عقب اعتمادها رسميا في جويلية  2013

كما أطلقت الجمعية مبادرة تحت عنوان صناعة الغد ووزعت خلال ملتقاها الوطني الأول في نوفمبر 2014 ثلاثة وثلاثين (33)عضوية شرفية من شخصيات علمية ووطنية وانتخبت رسميا كاتب الدولة الأسبق للاستشراف والإحصائيات رئيسا شرفيا للجمعية ثم تنصيب منسقين لمبادرة صناعة الغد بكل من شمال إفريقيا (من المغرب) وبالشرق الأوسط (من مصر) وبأوربا (من فرنسا وألمانيا) ومن الخليج (من الإمارات العربية المتحدة )وقريبا من الجالية الجزائرية بأمريكا بهدف استقطابها خدمة للقضايا الوطنية .

ما هي رسالة التي تقدمونها للجمهور؟

أهم رسالة نود الترويج لها وخاصة إلى الشباب الجزائري هو أننا بالجزائر وفي ظل الظروف العالمية الراهنة على أبواب خمسينية ثانية من عمر الجزائر المستقلة بكل معطياتها وتغيراتها، ولابد من التفكير بجدية لبنائها في عالم ليس للضعفاء فيه مكان.

ما هي النشاطات التي تقوم بها وما نوعها؟

أهم ما تحرص عليه الجمعية حاليا هو الترويج لأفكارها ورؤيتها ومبادئها وسط النخبة الوطنية والشباب والعمل على هيكلة الجمعية بتنصيب مكاتب ولائية عبر الوطن وحتى الترويج بالخارج لدى الجالية الجزائرية وخاصة النوعية منها ,نظمت الجمعية عدة نشاطات منذ اعتمادها رسميا كنقاشات وندوات ودورات تكوينية في التنمية البشرية والإسعافات القاعدية وزيارات ميدانية لدور العجزة ومصالح طب الأطفال في إطار التكافل الاجتماعي والمشاركة في المناسبات الوطنية والرسمية و تكريمات للمتفوقين في الامتحانات الرسمية كالبكالوريا سنويا  والمتفوقين في مسابقات عالمية كتكريم الفائزة في مسابقة الذاكرة المقامة مؤخرا بالصين الجزائرية مريم يزة، وتكريم وتشجيع مخترعين كأمثال اصغر مبتكر جزائري وعربي الطفل عابد رضوان .

خلال العطل السنوية  وحتى الأسبوعية ما هي النشاطات التي قامت بها والتي ستقوم بها؟

عقدت بالعاصمة في نوفمبر الماضي 2014 الجمعية أول ملتقى وطني لها تحت عنوان (الشباب……من قيم نوفمبر إلى صناعة غد الجزائر) بمشاركة مكاتبها الولائية من نصف عدد ولايات الوطن ونخبة من الشخصيات العلمية والوطنية بهدف تعزيز القيم الوطنية في شباب اليوم ومد جسر التواصل الايجابي بين جيل سابق وجيل لاحق يراهن عليه في صناعة غد الجزائر .

ما هي الإستراتيجية التي تنتهجونها لتحقيق مساعيكم؟

لن نبالغ إذا صرحنا لجريدتكم الموقرة بأننا نسعى لنكون النموذج الأمثل والصورة القدوة لمكون نموذجي وامثل للمجتمع المدني بالجزائر والوصفة ليست سحرية بقدر ما هي تقاليد نكرسها في جمعيتنا مبنية على الصدق والشفافية في هياكل الجمعية من القيادة إلى القاعدة والموضوعية في الطرح ومعالجة القضايا والتنزه عن الانتماء لأية جهة مهما كانت (الاستقلالية في القرار ) والترفع عن الخلافات الضيقة سواء الجهوية أو السياسية أو الإيديولوجيات الفكرية، نحن نؤمن انه إذا حدث وأن فرقنا الماضي ورواياته  والحاضر وخلافاته  فلابد أن نجتمع على بناء المستقبل الذي يهمنا جميعا ولا يختف فيه عاقلان ,وهذا ما نسوقه في جميع المناسبات (صناعة الغد).

إلى أي مدى يمكن للجمعية إصلاح العجز الحاصل في المجتمع؟

لا يمكن فصل مجتمعنا عن القيم التي تجمعنا جميعا من دين ولغة وهوية، كل المجتمعات وعلى مر العصور عرفت فترات رقي وحضارة وأخرى فترات تدهور، غير بعيد عنا ارويا والغرب عموما  قبل ثلاثة أو أربعة قرون كانت تعيش ما يعرف بالعصور المظلمة، وحروب دامية وحربين عالميتين، ولكنهم اقتنعوا في آخر الأمر أن لابد من الإتحاد ونبذ الخلاف والتعاون فيما يصلح ويفيد الجميع على اختلاف لغاتهم وأعراقهم،ما يدمر المجتمعات العربية الإسلامية اليوم ومنها المجتمع الجزائري هو الانهزامية والانهيار في القيم التي عرفناها و تعلمناها بمقاعد دراستنا وذلك نتيجة الانفتاح والانفجار الإعلامي غير المسبوق في ظل عدم تحصين أنفسنا .ولا يتأتى ذلك إلا بتوعية الشباب المستمرة والهادفة والالتفاف حول نخبة البلاد وفتح المجال لها لقيادة السفينة إلى بر الأمان ,دون إغفال بناء منظومة تربوية مستقرة وآمنة وتحييدها عن كل ما يعكرها وتحديد أهداف بعيدة المدى لها لصناعة إنسان الغد الرأسمال الحقيقي.

نعلم أن الوزارة التربية أجلت كثيرا في الرد عليكم حول حملة تحسيسية لظاهرة العنف ما قولكم؟

بالفعل حضرت الجمعية نفسها لمباشرة حملة وطنية تحسيسية حول مكافحة ظاهرة العنف في الوسط المدرسي، متضمنة عقد ندوات تحسيسية وزيارات ميدانية ودراسة استقصائية ميدانية وتوزيع مناشير توعوية  بالمؤسسات التربوية موجهة للتلاميذ والمبين وأولياء التلاميذ، بالتنسيق مع خبراء ومختصين في مجالات علم النفس والتربية والاجتماع ولقد تقدمت الجمعية إلى السيدة معالي وزيرة التربية بطلب الترخيص بمباشرة الحملة بالتنسيق مع مديريات التربية عبر الوطن منذ 25 سبتمبر 2014، ولكن يؤسفنا انه لم تتلقى الجمعية أي رد رسمي من طرف الوزارة  إلى حد الآن.

كجمعية لها دورها في المجتمع هل لكم تدخلات في الأحداث الأخيرة التي تحدث في الجزائر كأحداث عين صالح وغرداية وغيرها؟

كانت جمعية الوعي والتنمية الاجتماعية سباقة نهاية ديسمبر 2012 إلى محاولة احتواء الأزمة التي لاحت في الأفق والخروج بحلول لها .من خلال تقريب وجهات النظر وفتح قناة حوار مباشرة بين النواة الأولى لما عرف لاحقا باللجنة الوطنية للدفاع عن حقوق البطالين من جهة وبين الحكومة من جهة ثانية وبحكم قرب الجمعية من الإخوة في اللجنة وقربها من كاتب الدولة للاستشراف والإحصاء حينها فالتاريخ و للأمانة وباقتراح من رئيس الجمعية كريم عبيد وبعد مشاورات بين أعضاء اللجنة قررت إيفاد ممثلا عنها لعرض وجهة نظرها وانشغالاتها على كاتب الدولة الأسبق (الذي رحب وفتح بابه للإنصات للجنة )ولقد تم الأمر فعلا عن طريق الأستاذ المحامي محمد مزغيش من بسكرة  محل ثقة اللجنة ومتحدثا باسمها .

ولقد أحزن الجمعية أن الاستشعار واستشراف الخطر الذي رأته بسبب الغلق والإقصاء والتقزيم للأخر وعدم الإنصات إليه وعدم التقدير الجيد للرسائل التي كانت تبعث من الشباب بالجنوب الجزائري مباشرة  هو ما قاد وزاد من تفاقم الوضع والذي أدى بعدها إلى ما عرفت بمسيرة البطالين الشهيرة بورقلة بتاريخ 14 مارس 2013 والتي امتد لهيبها إلى باقي مناطق الجنوب الجزائري من الوادي إلى إليزي و أدرار وغيرها من المناطق بالجنوب  .

وفي نفس السياق وبعد المسيرة المذكورة مباشرة (أفريل 2013)وبولاية ورقلة دائما(تقرت) وبنفس الإهتمامات وبلغة مغايرة للغة لجنة البطالين .دعيت جمعيتنا للمشاركة في أشغال ملتقى وطني من تنظيم جمعية محلية ولائية  (جمعية العرفان الطلابية) تحت عنوان (التنمية في الجنوب رؤية إستشرافية) ودعت لذلك أكاديميين وباحثين وفاعلين ومسؤولين محليين تنفيذيين ولقد طلبت وساطة جمعيتنا  لرعاية ومشاركة كاتب الدولة للاستشراف والإحصاء  وهو ما تم فعلا ولقد رحب بدوره بالمشاركة ونصح الجمعية بمراسلة مصالح الحكومة وتوجيه طلب مباشر لها وهو ما فعلته جمعيتنا رسميا .

ولقد تأسفنا مرة أخرى لعدم تجاوب الحكومة مرة أخرى لتنبيهاتنا ووساطتنا ما ترك انطباعا سيئا بنفوس القائمين على الملتقى الوطني وخلاصة ما نصحنا به وحذرنا منه آنذاك وجوب إنصات الحكومة الجيد للأصوات المنبعثة من الجنوب الجزائري والالتزام الفعلي سلوكا لا قولا بإشراك المجتمع المدني في بلورة الحلول للمشاكل والقضايا الوطنية بصفته شريكا حقيقيا  فعلا مهما كانت لغة خطابه وزمنها .

ما هي الأهداف من وراء هذه النشاطات؟

أولى الأهداف هو رفع درجة الوعي والمشاركة في التماسك الاجتماعي والوحدة الوطنية والتعاون في بناء البلاد دون مزايدة من احد سواء على وطنية أو دين أو أي ثابت من الثوابت الوطنية.

هل تتلقون دعم المعنوي من طرف الجمهور، وماذا عن الدعم المادي؟

تعرف جمعيتنا استقطابا وإقبالا شبابيا ونخبويا من كل ربوع الوطن عبر كثير من الاتصالات التي تصل الجمعية يوميا، وأما فيما تعلق بالدعم المادي  فلم تتلقى الجمعية أي دعم مادي رسمي لحد الساعة عدا تبرعات أعضائها وأصدقائها واشتراكاتهم السنوية.

  ما هي الصعوبات التي تتلقونها خلال تأدية نشاطاتكم؟

ككل الفاعلين في الساحة الجمعوية، تحتاج الجمعية لتنفيذ أهدافها ومبادراتها إلى الدعم المادي والمعنوي، وأكثر من ذلك واهم منه رفع العراقيل البيرقراطية واعتبار المجتمع المدني من طرف السلطات كشريك حقيقي وفعال في رسم السياسات العمومية وبلورة حلول للمشاكل التي تطرح وطنيا ومحليا.

ما هي المشاريع المستقبلية؟

تبنى المكتب الوطني للجمعية  خطة عمل خمسية تمتد إلى سنة 2019 سنة تقييم أداء الجمعية الفعلي ,كما ترى الجمعية حسب إستراتيجيتها سنة 2019 سنة الإقلاع الاقتصادي بالجزائر لبلوغ هدف النشوء في أفاق سنة 2030.

بعد سنوات من عمل هل انتم راضون على ما قدمتم؟

حسب الأصداء التي تصلنا من متتبعي الجمعية فإن الجمعية قد قطعت شوطا كبيرا في وقت وجيز منذ تأسيسها.

ما رأيك بظاهرة البطالة التي مست كثيرا من الشباب خاصة الجامعيين؟

سبق وأن عقدت الجمعية ندوة نقاش حول سوق الشغل بالجزائر بمنتدى جريدة الشعب بالتنسيق مع رئيسها الشرفي وزير الاستشراف والإحصاء السابق الدكتور بشير مصطفى وقد لخصت حل أزمة التشغيل بضرورة فك الارتباط باقتصاد الريع وضرورة العمل على تنويع الاقتصاد الجزائر وتشجيع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتحسين مناخ الاستثمار ورفع العراقيل وتبسيط الإجراءات ,وتقديم التحفيزات للشباب لخلق المؤسسات مع إيلاء الأهمية للمرافقة والتكوين . وفي الأخير صرحت الجمعية بأن هدف بلوغ مليونيي (2 مليون ) مؤسسة صغيرة ومتوسطة بالجزائر حسب عدد السكان والمعايير العالمية من شانه القضاء على أزمة البطالة بالجزائر أو التخفيف منها، ثم عن مكتب الجمعية بولاية تيارت وبالتنسيق مع جامعة تيارت قد نظمت مؤخرا ندوة حول سبل إدماج الطالب الجامعي في مسار التنمية حاولت من خلاله الجمعية التركيز حول ضرورة تغيير نمط تفكير الطالب الجامعي من طالب شهادة إلى حامل مشروع تنموي خاص به .

كجمعية هل لكم لقاءات مباشرة مع مختلف أطياف المجتمع؟

جمعية الوعي والتنمية الاجتماعية فضاء مفتوح لكل الأطياف من المجتمع كل من موقعه وتخصصه واهتماماته وتجلى ذلك في الشخصيات الشرفية التي تشرفت بالإنضمام للجمعية من عالم الفن والزوايا وربط علاقات وثيقة بتنظيمات ذوي الاحتياجات وتقديم كل الدعم والمساعدة لها الرياضة والمخابر العلمية والبحثية والأسرة الإعلامية والأسرة الثورية وغيرها من الأطياف، وكذا المرأة حيث نظمت الجمعية قبل شهر ندوة بالتنسيق مع اتحاد النساء الجزائريات بمنتدى ديكا نيوز.

وأخيرا ما هي طموحاتكم التي تتمنوا تحقيقها؟

كما أسلفت الذكر في ظل الضبابية والظلام الدامس الذي يحاول البعض تصويره ، نحن ندعو لزرع الأمل والمستقبل حافل بالخير إن شاء الله ,نمتلك كل شيء لننطلق في بناء الجزائر القوية بمؤسساتها (تنفيذية قضائية تشريعية ومؤسسات الرقابة، المؤسسات المالية الاقتصادية والتربوية قوية بجيشها ودبلوماسيتها وعلو همة أبنائها، تلك الجزائر التي نحلم بها ونطمح لتحقيق ذلك عبر سواعد أبناء بلدنا.

كلمة أخيرة نختم بها حوارنا؟

نقول للجمهور لازال الخير في أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، فنحن قادرون من تجاوز قالبليتنا للإستعمار بداخلنا، طريق المجد طويل ولكن سيصل، ونشكر الجريدة على هذه الالتفاتة ونتمنى لها مزيدا من التوفيق في تأدية رسالتها الإعلامية النبيلة.

حاورته:عرجي فاطمة

***منقول***